الشتيمة والألفاظ جريمة،فضيحة ضد الإنسانية 

 

قد أكون أنا الشخص الوحيد الذي يستحي من الألفاظ في هذا العصر، فأنا استحي أن اتلفظ أو اشتم أو اسمعها في الشارع أو في أي مكان، لا أقبلها وكأنك لا تحب الأسبيسي في الطعام، فقد أكون أيضًا الوحيد الذي يتكلم عن ذلك الآن. 

وفي صراعي مع من حولي وتلك الخصلة في، سمعت أن الألفاظ مرة هي تعابير، ومرة هي صفات، ومرة هي أجزاء بشرية أو معاني حتى لو كانت متدنية.

لكن الأمر ياسادة ياباذئين ياشتامين، ليس في مظهر ولا جوهر الكلمة، الأمر أخطر, المشكلة في دلالة الكلمة، دلالة اللفظ، دلالة الشتيمة، فإنها الإهانة والإزلال، أي أول مبدأ من مبادئ الكرامة الإنسانية..

والدلالة؛ كـ لفظة “حمار” وتعني الغبي، أو كـ لفظة ” كلب” وتعني الممسوخ أو المذلول أو الدنيء، لكن هذا فقط في الدلالة، لكن أصل الكلمات تجدنا نعظم دور الحمار وإخلاص الكلب..

كتعظيمنا ايضًا لدور المرأة في المجتمع العربي، لكن الدلالة في الشتيمة بها، مهينة لها وللبشرية كلها، كأحد يقول؛ أنت واحدة ست يعني عشان تعمل كده، أو انتوا ولاد مرأة، أو متبقوش زي النسوان، وهكذا.

أو أننا نسمي الأمي بلفظة قريبة من الأمية ومنسوخة من الأمومة، وقد يكون لأن جرت العادة أن الأم تجلس في المنزل، والفتيات كانت لا تتعلم، مثل الذكور.

images

 

أهم أضرار تلك العادة إن أصبحت عادةً وأنها تعود على ملقيها بالإهانة، فمن الممكن أن تجد أصحابك يتلفظون عليك أمام أحد محبينك، حبيبك أو صديق يحترمك، أو ربما أمك أو أبوك..

أتذكر أننا كنا نخجل لو نادى أحدنا على رفيقه أمام والده باسم والده أو اسم عائلته، فكيف ستتحمل أن تكون مهزق في عين من لا يحبوا أن يروك هكذا. ولعلك لا تحب أن أطفالك تنقل عنك كل هذه الألفاظ. وترجع تقولهالكم تاني ..

من فترة قابلت بنت صغيرة لا تتعدى ثلاث سنوات تسب الدين لأمها في الشارع، الأحزن في الأمر أنها كانت تضحك.

ذات مرة كان من حولي يتضاحكون بالألفاظ، ولاحظ أحدهم أني لا اشترك معهم، فهزر معي بلفظ مهين أبيح، فضحك الجميع، فقلت له: أنت أحمق ومش هرد عليك.. فثار الجميع كيف أقول له أنه أحمق، فذلك لأن أذانهم لم تعتاد ذلك، وأعتادت الألفاظ النابية.. 

السيد المسيح قد نهى عن سب الناس و شتمهم و أظهر بأن ذلك يعدّ خطيئة فقال في إنجيله المقدس : وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ، وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ.

آه عشان كده أومال لو سمع كلامهم دلوقتي هيستوجب أيه؟!!



الحريات!!، كيف لنا أن ندعي أننا انفتحنا ونؤمن بحريات الأخرين والبشرية كلها والإنسانية، ولا نؤمن أن استخدام الألفاظ مهين لواحد من هؤلاء البشر، ونقبل أن تكون في حياتنا أعمال أدبية أو فنية تحمل ألفاظ، أو كلمات أو تلميحات نابية وإباحية، أو أعراف أو عادات سيئة لأنها تنتشر، وذلك بحجة أنهم ينقلون الواقع.

الفنون والأداب هي تحسين وتعمير للواقع لا يجب أن تحمل بزائته وسوءه بحجة أنهم ينقلوه.

والأمر بسيط، أنت لا تحب أن تُشتم فلا تَشتم ولا تسمح بالشتيمة لأنك في نهاية الدائرة سوف تعود عليك.    

35201325145631

كل ذاك من وقع مفهومنا ومفاهيمنا عن الكرامة وحقوق البشرية، ولم استعين بنص مقدس، حتى الآن، فلم أقول مثلا (( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون)).

ولم أقل؛ (( لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلا اللَّعَّانِ وَلا الْفَاحِشِ وَلا الْبَذِيءِ ” )).

ولا مثلا ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)).

وكمان (( الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ )).

اسمع الموال الحلو دا وإنت بتقرا الكلمتين دول..  

https://soundcloud.com/mohamady/yenyscuxzmyu

أجزاء منقولة..

ويثبت بعض العلماء أن العنف اللفظي يظهر نتيجة للتقصير والعجز في التواصل بطريقة أفضل. هذا التقصير يخفيه من عجز عن التواصل ضمن المجموعة الواحدة، قد ينمو بسرعة ويفضي إلى رفض للآخر.

في دراسة لـ”ناتالي ساكس أريكسون” من جامعة فلوريدا، كشفت فيها عن أن الأشخاص الذين تعرضوا لأي نوع من أنواع السباب خلال طفولتهم يصابون بالاكتئاب بنحو ضعفي أولئك الذين لم يتعرضوا للسباب ويتضاعف احتمال معاناتهم من اضطرابات القلق أو المزاج أكثر في حياتهم.

وفي دراسات جامعة كاليجري، وجدوا أن العنف اللفظي يترك آثارا وأضرارًا نفسية أكبر من الأضرار الناجمة عن العنف الجسدي.

في هذا السياق أيضًا اشارت دراسة أردنية عام 2010 بعنوان ” كسر دواء الصمت ” أن الاعتداءات اللفظية ضد المرأة هي الأكثر من مثيلتها الجسدي والنفسي وأن النساء غير المتزوجات وعلى رأسهن المطلقات أو الغير متزوجات أكثر حساسية من الأرامل من هذا العنف.

 ورصدت الدراسة نفسها أن نصف النساء (العينة) جرت اهانتهن أمام اطفالهن وعائلاتهن وجيرانهن .

في اتجاه موازي..

 يصبح الطفل في المراحل الأولى من الاعتماد على الذات بعد أن يستطيع المشي والتواصل اللغوي مع دائرة أوسع من الأسرة، يبدأ باكتساب عادات سلوكية جديدة قد تكون دخيلة على الأسرة، ويبدأ بتقليد الألفاظ والكلمات التي يرددها الآخرون بشكل أعمى حتى دون وعي بمعانيها، وتشكل الألفاظ النابية أحد مكتسبات الطفل من بيئته المحيطة، لكنها من الأمور السلبية المؤرقة للأسرة، والتي تستهجن بدورها هذه الألفاظ محاولة تخليصه منها.

وتعتبر القدوة السيئة بالأسرة، والمخالطة الفاسدة في الشارع أو المدرسة، ووسائل الإعلام أهم مصادر اكتساب هذه الألفاظ، وقد بينت إحدى الدراسات ألأوروبية أن 80% من الأطفال في سن المدرسة يتعرضون للألفاظ السيئة من زملائهم، كالسخرية بشكل مباشر والإهانات الكلامية، أو التهديد بالضرب.

وليس أحرج على الأبوين وأحزن على قلبيهما من أن يتلفظ ابنهما بألفاظ بذيئة أمامهما أو أمام الغرباء، فيشعران بالحرج وتكون ردة فعلهم الغضب.

 %d8%b3%d9%8a%d8%ba%d9%85%d9%88%d9%86%d8%af-%d9%81%d8%b1%d9%88%d9%8a%d8%af_9593

لماذا نشتم؟؟؟

  • البيئة الإجتماعية: حيث يحصل الطفل أو الإنسان بشكل عام على المفردات البذيئة التي يتعلمها من بيئته. وكلّ بيئة لها طريقتها في التعبير عن الشتيمة، فمثلاً لو ذهبت إلى بيئة عربية وقلت لرجل عربي “يا امرأة” فمن الممكن أن يقتلك فهذه تعتبر شتيمة وإهانة له. أما إذا قلت نفس الكلمة لرجل من ثقافة أخرى فسيرد بكل بساطة “أنا لست امرأة بل رجل!” ولا يعتبرها إهانة.
  • وإذا نظرنا إلى البيئة الفقيرة والغير متعلمة فمفرادات الشتيمة فيها تتركّب من الإهانات الجنسية، بينما الطبقات الأعلى فعندهم الإهانة أو الشتيمة تختلف، حيث يشتمون من الجهة الاقتصادية والمادية فمثلاً في طريقة اللباس. أيضاً الشتيمة يمكن أن تكون من خلال الحركات التعبيرية والإشارات والأصوات والأفعال، فبحركة واحدة يمكن أن نهين الآخرين ونتسبّب في جرح مشاعرهم.

 

2)   مشاعر الكبت الداخلية: فيمكن أن تحدث الشتيمة بسبب الغيرة فنتعمّد أن نهين الآخر ونجعل الآخرين يحتقرونه، وهكذا فنصبح نحن الأفضل.

 

3)   الشعور بالنقص: فإذا كان شخص ما في مستوى أرفع من الآخرين في المكانة الاجتماعية أو التعليمية أو المادية، فتنتج الشتيمة والإهانة بسبب الإحساس الآخرين بالنقص، فيحدث تفريغ للطاقة من خلال سب الآخر الأرفع في المستوى وشتمه.

 

4)   سوء الفهم: فتحدث الشتيمة بسبب سوء فهم الآخر للآخر، كسوء فهم المفرادات اللغوية مثلاً.

 

5)   رد الفعل: فتحدث الشتيمة نتيجة شيء فعله الآخر ولم يعجبني فأضطر إلى الشتيمة حتى دون تفكير.  

 

أضرار الشتيمة

 

للشتائم أضرار عضوية ونفسية لا تحصى فمنها:

 

1)   تعتبر الشتيمة تفريغاً لما في الداخل وليست علاجاً لحلّ المشكلة، فالشتيمة لا تساعد على مواجهة المشكلة لأنّ ستظل قائمة، وستحدث مشكلة أكبر وأكبر.

 

2)   ستتسبّب في جرح مشاعر إنسان

 

3)   الشتيمة تُعتبر قتلاً للآخر من الناحية اللفظية والمعنوية والنفسية والاجتماعية،

4)   سيواجه الشخص الشتام نفوراً اجتماعياً فلا يتصاحب عليه أحد إلا الشتّامين مثله.

 

5)   بسبب شتيمة يمكن أن تخسر منصب، مجال للعمل، محبة الآخرين، فرصة زواج من شخص تقي وأيضاً ستخسر علاقاتك بالآخرين.

 

6)   الشتّام لا يستطيع أن يكون قدوة حسنة عندما يكون زوجاً أو زوجة (أب، أم)، فهو لا يستطيع أن ينهى أبناءه عن أمر يقوم هو به.

 

7)   تقول مجلة تايم الأمريكية أن الشتائم تؤثر فسيولوجياً على أجسادنا، حيث وجدت إحدى الدراسات أنّ نطق الشتيمة أو سماعها بصورة مستمرّة يؤدّي إلى تعرّق بالكفين.

 

8)   الشتائم تعيق الحوار وتمنع التواصل بطريقة صحيحة وواضحة، فالشتم طريقة عدوانية وعدائية للتعبير عما يدور في ذهنك.

 

9)   الشتائم تشوّه صورتك، فيمكن أن تسبب اللغة المسيئة تشويهاً لمظهر المستخدم لها. .

 

10)إضعاف الشخصية، ربما يظنّ الشتّام أنه قوي وذو شخصية قوية، ولكن هذا خطأ كبير لأنه سوف يُنظر إليه دون احترام، لكنه في الحقيقة ضعيف الشخصية، ولا يستطيع أن يسيطر على لسانه وعقله الذي سمح له بالتفكير في الشتيمة. فهذا يدع لسانه يقوده ولا يستطيع أن يقود لسانه، فهو إذاً ضعيف.

11 الجهل، فالحكيم هو من يستطيع أن يتجنّب الأشياء الغير لائقة، ويظهر شخصيته في مواقف حسنة ولائقة تظهر احترامه للآخرين ولنفسه.

12الشتائم تؤثر فيسيولوجياً على أجسادنا، حيث وجدت إحدى الدراسات أن نطق أو سماع الشتائم بصورة مباشرة يؤدي إلى تعرق بالكفين.

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *